Loading...
رئيس مجلس الإدارة
د.حاتم صادق

المصرى اون لاينبوابة خبرية متخصصة

رئيس التحرير
قدري الحجار

اجندة ايران لا تتغير بقلم د.حاتم صادق استاذ بجامعة حلوان
الدكتور حاتم صادق

الدكتور حاتم صادق

ايران لا تخفي اجندتها السياسية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط والخليج ، فهي دائما تجاهر بها ويكاد تكون تفاصيلها محفوظة حتي لدي رجل الشارع البسيط.. ومنذ اندلاع الثورة الإيرانية في نهاية سبعينيات القرن الماضي، ونظام الملالي في طهران يسعي الي استعادة امجاد الدولة الفارسية في المنطقة من خلال بؤر مسلحة نجحت في تثبيتها في عدد من الدول العربية اعتمادا علي التنوع العرقي والديني المتدد تاريخيا في جذور تلك الدول، وكثيرا ما تقاطعت الاحلام الإيرانية مع أوهام اطراف اقليمية اخري كانت حتي وقت قريب تري ان الدول العربية مجرد بيادق تابعين لسلطانهم.
ملالي طهران يرون ان مصر والسعودية هما مركزي الثقل في كل المنطقة الممتدة من الخليج العربي شرقا الي المغرب ، ومن سوريا الي اليمن جنوبا مضافا الي ذلك القوة المكتسبة لدي لمصر في منطقة البحر المتوسط حتي أوروبا، وخلال الفترة الماضية سعت ايران بكل ما لديها من أدوات علي الأرض لمحاصرة هذا المركز وطبقا للجغرافيا الساسية ، تم محاصرة السعودية بهلال شيعي مسلح امتد من شرق العراق وصولا الي سوريا ولبنان ، وفي الجنوب امتدادا من اليمن حتي مناطق في الصومال ووصل الامر الي التدخل الميلشاوي بعض مناطق النزاع الأخرى مثل ليبيا وموريتانيا.. والهدف الرئيسي لهم مازال هو تحقيق حلم الإمبراطورية الفارسية الإسلامية الشيعية.
لم ولن يحدث أي تغيير في الاجندة الإيرانية، لانها ببساطة ليست مجرد رؤية سياسية لكنها ضمن منهج عقائدي ديني لدي السلطة الحاكمة الدينية في قم. والتاريخ القريب والمقصود هنا ، ولسنا هنا بصدد إعادة لقراءة التاريخ الذي يؤكد انه تقريبا جميع المعاهدات والاتفاقيات التي وقعها الإيرانيون مع سواء سياسية او عسكرية لم تصمد علي الاطلاق ، والباحث لن يجد ان يصعوبة في استكشاف أسباب فشل تلك الاتفاقيات خاصة تلك المتعلقة بعلاقات الجوار او انهاء الحروب، واللافت ان الاتفاقيات التي صمدت الي حين كانت بسبب اما ضعف السلطة الحاكمة في ايران او بسبب ان الاتفاقيات تمهد وتفتح الطريق امام حلمها الغابر.
 الاحداث الأخيرة التي تلاحقت مسرعة في ايران جعلت الجميع في حيرة من امرهم ، وخلال السنوات الثلاثة الماضية شهدت الساحة الإيرانية الكثير من المتناقضات خاصة في اعقاب اغتيال قاسم سليماني ، وشهدنا للمرة الاولي تظاهرات داخل مدن ايران تعبر عن فرحها لمقتل هذا الشخص، ولم تمر اشهر الا وكان هناك تراجعا ملحوظا في حجم النجاحات التي تحققها اذرع طهران في سوريا والعراق ولبنان واليمن ..وجاء ما تشهده المدن الإيرانية من حركات شعبية ورفض لمظاهر التشدد الديني يمنح الجميع دليلا علي ان هناك شيئ ما تغير!.
والارتباك كما قلنا سابقا ، اصبح هو عنوان المشهد السياسي والاجتماعي والامني في ايران، وبين فشل داخلي في مواجهة الثورة الشعبية المتفاقمة في المدن الايرانية ، وضربات عسكرية تستهدف العديد من منشآت البلد الحيوية، واخري سياسية يزداد تأزم الموقف خاصة بعد فشل المفاوضات النووية مع الغرب. وبدا ان “الهلال الشيعي” الذي أنشأته طهران في منطقة الشام يمر بمرحلة سيئة ويمكن أن تكون قاتلة، إذ تبدو هذه الدول المصنفة كـ”محور المقاومة” مع بداية العام 2023 مهددة أكثر من أي وقت مضى. ليضع ملالي طهران في ازمة حقيقية تكشف مدي ضعف أدوات السلطة الحاكمة هناك ، فهذا الهلال، الذي كانت إيران تستثمر فيه لعقود من الزمن، ينقلب عليها النظام الإيراني. فمن بيروت إلى بغداد، وصولاً إلى طهران، تواجه إيران خصمها الأكثر تعقيداً منذ سنوات المتمثل بالمتظاهرين الشيعة. وبالنسبة للجمهورية الإسلامية، يتواجد العدو في الداخل أيضاً، وهو الذي لا يمكن احتواؤه من دون حدوث اضطرابات عنيفة تضرب استراتيجياتها الخاصة وتحالفاتها السياسية في جميع أنحاء المنطقة.  
وربما لم تفكر إيران قط أن تحديها الرئيسي سوف ينبثق من المجتمعات الشيعية نفسها. فقد كان النظام في طهران يعتمد استراتيجية واحدة في جميع أنحاء المنطقة، تتمثل في: تعزيز الهوية الشيعية، وإغداق الأسلحة والمال على الوكلاء، واكتساب صورة الأب للشيعة من خلال الحلول محل الدولة ومؤسساتها. غير أن النظام لم يدرك قط أنه في أعقاب جميع تلك الاستثمارات في الموارد والشعب، وبعد تحقيق كافة تلك الانتصارات العسكرية في لبنان وسوريا والعراق، كان الشعب - وخاصة الشيعة - بحاجة إلى ترجمة عملية لتلك الانتصارات تتمثل بتوفير المزيد من موارد العيش - وليس القليل منها - وتأمين مستقبل أفضل لأطفالهم. لكن الواقع كان عكس ذلك تماماً. ففي ظل غياب رؤية اجتماعية -اقتصادية للعواصم التي تسيطر عليها إيران، لم تعد ظروف العيش مقبولة. وفي ظل تزعزع “الهلال الشيعي” تبذل إيران قصارى جهدها لإنقاذه. فخسارة هذا “الهلال” تعني فقدان القدرة على بسط النفوذ في الشرق الأوسط فضلاً عن خسارة الكثير من الموارد السياسية والمالية.
لذلك لم يتبق لطهران سوي تطبيق مبدأ "التقية" للخروج من مجمل ازماتها الحالية، من خلال عقد بعض الاتفاقيات لتهدئة الصراعات الجانبية وإعادة الهدوء من اجل التقاط الانفاس.. كاستراحة مقاتل قبل ان تبدأ جولة جديدة..وحتي نكون منصفين فاننا وبرغم التاريخ المخز من عدم الالتزام بالعقود والمواثيق ، نآمل ان يخيب ظن الخبثاء وتلتزم طهران بما وقعت عليه.. واذا تحقق هذا فسيكون السؤال التالي هو..هل آن الأوان لغلق صفحة الملالى في ايران ؟



تواصل معنا